بازگشت

دلالة الآية علي وجوب وجود إمام العصر وحياته


849 - روي ثقة الإسلام الکلينيّ بإسناده عن الحسن بن عبّاس بن الجريش، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام، قال: قال أبو عبداللَّه عليه السلام: بينا أبي عليه السلام يطوف بالکعبة إذا رجل معتجر، قد قيّض له فقطع عليه اسبوعه، حتّي أدخله إلي دار جنب الصفا، فأرسل إليّ وکنّا ثلاثة فقال: مرحباً بک يابن رسول اللَّه، ثمّ وضع يده علي رأسي وقال: بارک اللَّه فيک ياأمين اللَّه بعد آبائه أبا جعفر، إن شئت فأخبرني وان شئت أخبرتک، وإن شئت سألتني وإن شئت سألتک، وإن شئت فأصدقني وإن شئت صدقتک.

فقال أبو جعفر عليه السلام: کلّ ذلک أشاء.

قال: فإيّاک أن ينطلق لسانک عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره.

قال: إنّما يفعل ذلک مَن في قلبه عِلمان يخالف أحدهما صاحبه، وإنّ اللَّه عزّوجلّ أبي أن يکون له علم فيه اختلاف.

قال هذه مسألتي وقد فسّرت طرفاً منها، أخبرني عن هذا العلم الّذي ليس فيه إختلاف مَن يعلمه؟

قال: أمّا جملة العلم فعند اللَّه جلّ ذکره، وأمّا ما لابدّ للعباد منه فعند الأوصياء.

قال: ففتح الرجل عجيرته واستوي جالساً وتهلّل وجهه، وقال: هذه أردت ولها أتيت، زعمت أنّ علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء، فکيف يعلمونه؟

قال: کما کان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يعلمه، إلّا أنّهم لا يرون ما کان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يري، لأنّه کان نبيّاً وهم مُحَدَّثون، وأ نّه کان يفد إلي اللَّه جلّ جلاله فيسمع الوحي وهم لا يسمعون.

قال: فقال: صدقت يابن رسول اللَّه سأسئَلُکَ مسألة صعبة، أخبرني عن هذا العلم ما له لا يظهر کما کان يظهر مع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله؟

قال: فضحک أبي عليه السلام وقال: أبي اللَّه أن يُطلع علي عِلمه إلّا ممتَحَناً للإيمان به، کما قضي علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله أن يصبر علي أذي قومه، ولا يجاهدهم إلّا بأمره، فکم من اکتتام قد اکتتم به، حتّي قيل له «اصدَعْ بِما تُؤمَر و أَعرِض عَنِ المُشرِکين» [1] وأيم اللَّه أن لو صدع قبل ذلک لکان آمناً، ولکنّه إنّما نظر في الطاعة وخاف الخلاف فلذلک کفّ، فوددت أن يکون عينک مع مهدي هذه الاُمّة، والملائکة بسيوف آل داود بين السماء والأرض تعذّب أرواح الکفرة من الأموات وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء، ثمّ أخرج سيفاً ثمّ قال: ها إنّ هذا منها.

قال: فقال أبي: إي والّذي اصطفي محمّداً علي البشر.

قال: فردّ الرجل قال: أنا إلياس ما سألتک عن أمرک وبي منه جهالة: غير أ نّي أحببت أن يکون هذا الحديث قوّة لأصحابک، وساُخبرک بآية أنت تعرفها أن خصموا بها فَلَجُوا.

قال: فقال لي أبي: إن شئت أخبرتک بها؟

قال: قد شئت.

قال: إنّ شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا: إنّ اللَّه عزّوجلّ يقول لرسوله صلي الله عليه وآله: «انّا أنزلناه في ليلة القدر» إلي آخرها، فهل کان رسول اللَّه يعلم من العلم شيئاً لا يعلمه في تلک الليلة، أو يأتيه به جبرئيل عليه السلام في غيرها؟ فانّه سيقولون لا، فقل لهم: فهل کان لما علم بدّ من أن يظهر؟ فيقولون لا، فقل لهم: کان فيما أظهر رسول اللَّه صلي الله عليه وآله من علم اللَّه عزّ ذکره اختلاف؟ فان قالوا لا، فقل لهم: فمن حکم بحکم اللَّه (کذا) فيه اختلاف فهل خالف رسول اللَّه صلي الله عليه وآله فيقولون نعم، فإن قالوا: لا فقل قد نقضوا أوّل کلامهم، فقل لهم: «ما يعلم تأويله إلّا اللَّه والراسخون في العلم» فإن قالوا: من الراسخون في العلم؟ فقل مَن لا يختلف في علمه، فإن قالوا: فمن هو ذاک؟ فقل: کان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله صاحب ذلک فهل بلغ أو لا؟ فإن قالوا: قد بلَّغ، فقل: فهل مات رسول اللَّه صلي الله عليه وآله والخليفة من بعده يعلم علماً ليس فيه اختلاف؟ فإن قالوا لا، فقل: إنّ خليفة رسول اللَّه مؤيّد ولا يستخلف رسول اللَّه صلي الله عليه وآله إلّا من يحکم بحکمه، وإلّا مَن يکون مثله إلّا النبوّة، وان کان رسول اللَّه صلي الله عليه وآله لم يستخلف في علمه أحداً فقد ضيّع من في أصلاب الرجال ممّن يکون بعده، فإن قالوا لک: فإنّ علم رسول اللَّه صلي الله عليه وآله کان من القرآن، فقل: «حم والکتابِ المُبين إنّا أنزَلناه في لَيلَةٍ مُبارکَة إنّا کُنّا مُنذِرِين فيها يُفرَق کُلُّ أَمرٍ حَکيم أَمراً مِن عِندِنا إنّا کنّا مُرسِلين».

فإن قالوا لک: لا يرسل اللَّه عزّوجلّ إلّا إلي نبيّ، فقل: هذا الأمر الحکيم الّذي يفرق فيه هو من الملائکة والروح، الّتي تنزل من سماء إلي سماء، أو من سماء إلي أرض، فإن قالوا من سماء إلي سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعته إلي معصيته، فإن قالوا من سماء إلي أرض وأهل الأرض أحوج الخلق إلي ذلک، فقل: فهل لهم بدّ من سيّد يتحاکمون إليه؟ فإن قالوا: فإنّ الخليفة هو حکمهم، فقل: «اللَّهُ وَلِيُّ الّذين آمَنوا يُخرِجُهم مِنَ الظُّلُماتَ إلي النُّور و الَّذين کَفَروا أولِياؤُهُم الطّاغُوتُ يُخرِجُونَهم مِن النُّور إلي الظُّلُمات أولئک أصحابُ النّار هُم فيها خَالِدون». [2] .

لعمري ما في الأرض ولا في السماء ولي للَّه عزّوجلّ إلّا وهو مؤيّد، ومن اُيّد لم يُخطِ، وما في الأرض عدوّ للَّه عزّ ذکره إلّا وهو مخذول، ومن خُذِل لم يصب، کما أنّ الأمر لابدّ من تنزيله من السماء يحکم به أهل الأرض،

کذلک ولابدّ من وال، فإن قالوا: لا نعرف هذا، فقل لهم: قولوا ما أحببتم أبي اللَّه بعد محمّدصلي الله عليه وآله أن يترک العباد ولا حجّة له عليهم. قال أبو عبداللَّه عليه السلام ثمّ وقف، فقال: هاهنا يابن رسول اللَّه باب غامض، أرأيت ان قالوا حجّة اللَّه القرآن؟

قال: إذاً قل لهم: إنّ القرآن ليس بناطق يأمر وينهي، ولکنّ للقرآن أهل يأمرون وينهون، وأقول قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة ما هي في السنّة والحکم الّذي ليس فيه اختلاف، وليست في القرآن، أبي اللَّه في علمه (لعلمه) بتلک الفتنة أن تظهر في الأرض وليس في حکمه رادّ لها ومفرّج عن أهلها. فقال: هاهنا تفلجون يابن رسول اللَّه، أشهد أنّ اللَّه عزّوجلّ ذِکره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الأرض أو في أنفسهم من الدّين أو غيره، فوضع القرآن دليلاً. قال، فقال الرجل: هل تدري يابن رسول اللَّه القرآن دليل ما هو؟

قال أبو جعفر عليه السلام: نعم وفيه جمل الحدود وتفسيرها عند الحکم، فقد أبي اللَّه أن يصيب عبداً بمصيبة في دينه أو في نفسه أو في ماله ليس في أرضه من حکمه قاضٍ بالصواب في تلک المصيبة.

قال: فقال الرجل: أمّا في هذا الباب فقد فلجتم بحجّة، إلّا أن يفتري خصمکم علي اللَّه فيقول: ليس للَّه عزّ ذکره حجّة، ولکن أخبرني عن تفسير: «لِکَيلا تَأسَوا عَلي ما فَاتَکُم» ممّا خصّ به عليّ عليه السلام «ولا تَفرَحُوا بِما آتاکُم»؟ [3] قال: في أبي فلان وأصحابه، واحدة مقدّمة وواحدة مؤخّرة، لا تأسوا علي ما فاتکم ممّا خصّ به عليّ، ولا تفرحوا بما آتاکم من الفتنة الّتي عرضت لکم بعد رسول اللَّه صلي الله عليه وآله.

فقال الرجل: أشهد أ نّکم أصحاب الحکم الّذي لا اختلاف فيه.

ثمّ قام الرجل وذهب فلم أره. [4] .


پاورقي

[1] الحجر: 94.

[2] البقرة: 257.

[3] الحديد: 23.

[4] رواه في البرهان 4 : 484-384 ح 2.