بازگشت

ائمة أهل البيت هم المستَضعفون في الأرض


567 - محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في الغَيبة: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، في معني قوله: «وَعَد اللَّه الّذين آمَنو منکم و عمِلوا الصالحات ليَستخلِفَنَّهم في الأرض کما استخلف الّذين مِن قبلهم و ليُمکّننّ لهم دينهم الّذي ارتضي لهم و ليُبدِلَنَّهم مِن بعد خَوفهم أمناً يَعبُدونني لا يُشرِکون بي شيئاً» قال: نزلت في القائم وأصحابه. [1] .

568 - محمّد بن العبّاس، بإسناده عن عبداللَّه بن سنان، قال: سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّوجلّ: «وَعَد اللَّه الّذين آمَنو منکم و عمِلوا الصالحات ليَستخلِفَنَّهم في الأرض کما استخلف الّذين مِن قَبلهم» قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب والأئمّة من ولده عليهم السلام، «و ليُمکّننّ لهم دينهم الّذي ارتضي لهم و ليُبدِلَنَّهم مِن بعد خَوفهم أمناً يَعبُدونني لا يُشرِکون»قال: عني به ظهور القائم عليه السلام. [2] .

569 - عنه، بإسناده عن إسحاق بن عبداللَّه، عن عليّ بن الحسين عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ: «فوربِّ السماءِ والأرض إنّه لَحقٌّ مِثلما أ نّکم تنطقون»: قال: قوله: «إنّه لَحقّ» قيام القائم عليه السلام وفيه نزلت هذه الآية «وَعَد اللَّه الّذين آمَنوا منکم وعمِلوا الصالحات لَيَستخلفنّهم في الأرض کما استخلَف الّذين مِن قبلهم وليُمکّننّ لهم دِينهم الذي إرتضي لهم ولَيُبدِلنّهم من بعد خَوفهم أمناً» قال: نزلت في المهدي عليه السلام. [3] .

570 - الخزّاز القمّي، بإسناده عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري، قال: دخل جندل بن جنادة بن جبير علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله، فقال: يارسول اللَّه أخبرني عمّا ليس للَّه، وعمّا ليس عند اللَّه، وعمّا لا يعلمه اللَّه؟ فقال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله: أمّا ما ليس للَّه، فليس للَّه شريک، وأمّا ما ليس عند اللَّه، فليس عند اللَّه ظلم للعباد، وأمّا ما لا يعلمه اللَّه، فذلک قولکم يامعشر اليهود أنّ عزير ابن اللَّه، واللَّه لا يَعلم له ولداً. فقال جندل: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأ نّک محمّد رسول اللَّه حقّاً، ثمّ قال: يارسول اللَّه صلي الله عليه وآله، إنّي رأيت البارحة في النوم موسي بن عِمران عليه السلام، فقال لي: ياجندل أسلِم علي يد محمّد واستمسک بالأوصياء من بعده، فقلت: أسلمت، ورزقني اللَّه ذلک، فأخبرني عن الأوصياء بعدک لأتمسّک بهم؟

فقال: ياجندل أوصيائي من بعدي بعدد نُقباء بني إسرائيل.

فقال: يارسول اللَّه صلي الله عليه وآله، إنّهم کانوا إثني عشر، هکذا وجدناهم في التوراة.

قال: نعم، الأئمّة بعدي إثنا عشر.

فقال: يارسول اللَّه کلُّهم في زمن واحد؟

قال: لا، ولکن خلف بعد خلف، و إنّک لن تدرک منهم إلّا ثلاثة: أوّلهم سيّد الأوصياء بعدي أبو الأئمّة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ثمّ إبناه الحسن والحسين عليهما السلام، فاستمسک بهم من بعدي ولا يغرنّک جهل الجاهلين، فإذا أوقت ولادة إبنه عليّ بن الحسين سيّد العابدين عليه السلام يقضي اللَّه عليک ويکون آخر زادک من الدنيا شربة من لبن تشربه.

فقال: يارسول اللَّه هکذا وجدتُ في التوراة: إليانقطوا [4] شبّراً وشبيراً، فلم أعرف أسماءهم، فکم بعد الحسين من الأوصياء، وما أسماءهم؟

فقال: تسعة من صُلب الحسين، والمهدي منهم، فاذا انقضت مدّة الحسين عليه السلام قام بالأمر من بعده عليّ ابنه، و يُلقّب زين العابدين عليه السلام، فإذا انقضت مدّة علي قام بالأمر من بعده محمّد ابنه يُدعي بالباقر عليه السلام، فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه جعفر يُدعي بالصادق عليه السلام، فإذا انقضت مدّة جعفر قام بالأمر ابنه موسي و يُدعي بالکاظم عليه السلام، ثمّ إذا انقضت مدّة موسي قام بالأمر من بعده عليّ ابنه يُدعي بالرضا عليه السلام، فإذا انقضت مدّة عليّ قام بالأمر بعده محمّد ابنه يُدعي بالزکيّ عليه السلام، فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه عليّ يُدعي بالنقي عليه السلام، فإذا انقضت مدّة عليّ قام بالأمر من بعده ابنه الحسن يُدعي بالأمين عليه السلام، ثمّ يغيب عنهم إمامهم.

قال: يارسول اللَّه هو الحسن يغيب عنهم؟

قال: لا، ولکن ابنه.

قال: يارسول اللَّه فما اسمه؟

قال: لا يُسمّي حتّي يظهر.

فقال جندل: يارسول اللَّه وجدنا ذِکرهم في التوراة، وقد بشّرنا موسي بن عمران عليه السلام بک وبالأوصياء من ذُرّيّتک.

ثمّ تلا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله:

«وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا منکم و عَمِلوا الصالحات لَيَستخلِفنّهم في الأرض کما استخلف الّذين مِن قبلهم و ليُمکّننّ لهم دِينهم الّذي ارتضي لهم و لَيُبدلنّهم من بعد خَوفهم أمناً».

فقال جندل: يارسول اللَّه فما خوفهم؟

قال: ياجندل في زمن کلّ واحد منهم سلطان يعتريه ويؤذيه، فإذا عجّل اللَّه خروج قائمنا يملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما مُلئت جوراً وظلماً، ثمّ قال صلي الله عليه وآله: طوبي للصابرين في غيبته، طوبي للمقيمين علي محبّتهم، اُولئک مَن وصفهم اللَّه في کتابه فقال: «الّذين يُؤمِنون بالغَيب» ثمّ قال: «اُولئک حِزبُ اللَّه ألا إنّ حِزبَ اللَّه هُمُ المفلحون».

قال ابن الأصقع:

ثمّ عاش جندل إلي أيّام الحسين بن عليّ عليه السلام ثمّ خرج إلي الطائف، فحدّثني نعيم بن أبي قيس قال: دخلتُ عليه بالطائف وهو عليل، ثمّ دعا بشربة من لبن، فقال: هکذا عهد لي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله أن يکون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن، ثمّ مات و دُفن بالطائف بالموضع المعروف بالکورارحمه الله. [5] .

571 - أبو عليّ الطبرسيّ في تفسير الآية، قال: المرويّ عن أهل البيت عليهم السلام أنّها في المهدي من آل محمّدعليهم السلام. [6] .

572 - وروي العيّاشيّ بإسناده عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، أ نّه قرأ الآية وقال: هُم واللَّهِ شيعتنا أهل البيت، يفعل اللَّه ذلک بهم علي يَدَي رجل منّا، وهو مهدي هذه الاُمّة، وهو الّذي قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله: لو لم يبقَ مِن الدنيا إلّا يوم واحد، لطوّل اللَّه ذلک اليوم حتّي يأتي رجل من عِترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً کما مُلئت ظلماً وجوراً. [7] .

ورُوي مثل ذلک عن أبي جعفر وأبي عبداللَّه عليهما السلام. [8] .

573 - قال السيّد شرف الدّين: فعلي هذا يکون المراد ب «الّذين آمنوا وعملوا الصالحات» النبيّ وأهل بيته صلوات اللَّه عليهم، وتضمنّت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمکّن في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام القائم المهدي عليه السلام منهم، ويکون المراد بقوله تعالي: «کما استخلف الّذين مِن قَبلهم» هو أن جعل الصالح للخلافة خليفة، مثل آدم و إبراهيم و داود و سليمان و موسي و عيسي صلوات اللَّه عليهم أجمعين، تبقي دائمة في کلّ آن وکلّ حين. [9] .

574 - من کتاب الواحدة: روي عن محمّد بن الحسن بن عبداللَّه الأطروش، عن جعفر بن محمّد البجليّ، عن البرقيّ، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي جعفر الباقرعليه السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

إنّ اللَّه تبارک وتعالي أحدٌ واحد، تفرّد في وحدانيته، ثمّ تکلّم بکلمة فصارت نوراً، ثمّ خلق من ذلک النور محمّداً صلي الله عليه وآله، وخلقني و ذرّيّتي، ثمّ تکلّم بکلمة فصارت روحاً، فأسکنه اللَّه في ذلک النور، وأسکنه في أبداننا، فنحن روح اللَّه وکلماته، فبِنا احتجّ علي خلقه، فما زلنا في ظلّة خضراء، حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار، ولا عين تطرف، نعبده ونقدّسه ونسبّحه، وذلک قبل أن يخلق الخلق، وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنُصرة لنا، وذلک قوله عزّوجلّ:

«وإذ أَخَذَ اللَّه مِيثاقَ النبيّين لَما آتيتُکم مِن کِتاب وحِکمة ثُمّ جاءکم رَسولٌ مُصدِّق لِما معکم لتُؤمِنُنَّ به ولتنصُرُنَّه» [10] ، يعني لتؤمننّ بمحمّد صلي الله عليه وآله ولتنصرنّ وصيّه وسينصرونه جميعاً.

و إنّ اللَّه أخذ ميثاقي مع ميثاق محمّد صلي الله عليه وآله بالنصرة بعضنا لبعض، فقد نصرت محمّداً وجاهدت بين يدَيه، وقتلت عدوّه، ووفيت للَّه بما أخذ عليّ من الميثاق والعهد، والنصرة لمحمّد صلي الله عليه وآله.... إلي أن يصل إلي قوله: أنا أمين اللَّه وخازنه، وعيبة سِرّه وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه، وأنا الحاشر إلي اللَّه، وأنا کلمة اللَّه الّتي يجمع بها المفترق ويفرّق بها المجتمع.

وأنا أسماء اللَّه الحسني، وأمثاله العليا، وآياته الکبري، وأنا صاحب الجنّة والنار، اُسکن أهل الجنّة الجنّة، واُسکن أهل النار النار، وإليّ تزويج أهل الجنّة، وإليّ عذاب أهل النار، وإليّ إياب الخلق، وأنا الإياب الّذي يؤوب إليه کلّ شي ء بعد القضاء، وإليّ حساب الخلق جميعاً، وأنا صاحب الهبات، وأنا المؤذّن علي الأعراف، وأنا بارز الشمس، أنا دابة الأرض، وأنا قسيم النار، وأنا خازن الجنان وصاحب الأعراف.

وأنا أمير المؤمنين، ويعسوب المتّقين، وآية السابقين، ولسان الناطقين، وخاتم الوصيين، ووارث النبيين، وخليفة ربّ العالمين، وصراط ربّي المستقيم، وفسطاطه والحُجّة علي أهل السماوات والأرضين، وما فيهما وما بينهما، وأنا الّذي احتجّ اللَّه به عليکم في ابتداء خلقکم، وأنا الشاهد يوم الدّين، وأنا الّذي علمت علم المنايا والبلايا والقضايا، وفصل الخطاب والأنساب، واستحفظت آيات النبيين المستخفين المستحفظين.

وأنا صاحب العصا والميسم، وأنا الّذي سخّرت لي السحاب والرعد والبرق والظُلَم والأنوار، والرياح والجبال والبحار، والنجوم والشمس والقمر، أنا القرن الحديد، وأنا فاروق الاُمّة، وأنا الهادي، وأنا الّذي أحصيتُ کلّ شي ء عَدداً بعِلم اللَّه الّذي أودعنيه، وبسِرّه الّذي أسرّه إلي محمّد صلي الله عليه وآله وأسرّه انبيّ صلي الله عليه وآله إليّ، وأنا الّذي أنحلني ربّي اسمه وکلمته وحکمته وعلمه وفهمه.

يامعشر الناس، اسألوني قبل أن تفقدوني، اللهمّ إنّي اُشهدک وأستعديک عليهم، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العلي العظيم، والحمد للَّه متّبعين أمره. [11] .

575 - روي الحاکم الحسکانيّ في «شواهد التنزيل» بإسناده عن أبي صادق، عن حنش: أنّ علياً عليه السلام قال: إنّي اُقسم بالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة وأنزل الکتاب علي محمّد صدقاً وعدلاً، ليعطفنّ عليکم هذه الآية: «وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا وَعمِلوا الصالحات لَيَستَخلِفَنَّهم في الأرض» الآية. [12] .

576 - وروي فرات بن إبراهيم بإسناده عن السدّي، عن ابن عبّاس في قوله: «وعد اللَّه الّذين آمنوا» إلي آخر الآية، قال: نزلت في آل محمّد صلي الله عليه وآله. [13] .

577 - وروي فرات بإسناده عن القاسم بن عوف، قال: سمعت عبداللَّه بن محمّد يقول: «وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا وعَمِلوا الصالحات» الآية: قال: هي لنا أهل البيت. [14] .

578 - وروي ثقة الإسلام الکُلينيّ قدس سره بإسناده عن عبداللَّه بن سنان، قال: سألتُ أبا عبداللَّه عليه السلام عن قول اللَّه جلّ جلاله: «وَعَد اللَّه الّذين آمَنوا منکم وعَمِلوا الصالحات لَيَستخلِفَنَّهم في الأرض کما استَخلَف الّذين مِن قبلهم»قال عليه السلام: هم الأئمّةعليهم السلام. [15] .

579 - وعنه بإسناده عن سدير الصيرفي، قال: دخلتُ أنا والمفضّل بن عمر، وأبو بصير، وأبان بن تغلب، علي مولانا أبي عبداللَّه جعفر بن محمّد عليه السلام، فرأيناه جالساً علي التراب وعليه مسح خيبري مطوّق بلاجيب، مقصّر الکُمَّين، وهو يبکي بکاء الواله الثکلي ذات الکبد الحرّاء، قد بان الحزن من وجنتيه، وشاع التغيير في عارضَيه، وأبلي الدموعُ محجَريه وهو يقول: سيّدي غيبتک نفت رقادي، وضيّقت عليّ مهادي، وابتزّت منّي راحة فؤادي، سيّدي غيبتک وصلت مصابي بفجائع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحسّ بدمعة ترقي من عيني، وأنين يفتر من صدري، من دوارج الرزايا، وسوالف البلايا، إلّا ما لقيني عن غوائل أعظمها وأقطعها، وبواقي أشدّها وأنکرها، ونوائب مخلوطة بغضبک، ونوازل معجونة بسخطک.

قال سدير: فاستطارت عقولنا وَلَهاً، وتصدّعت قلوبنا جزعاً، من الخطب الهائل، والحادث الغائل، وظننّا انّه أسمت لمکروهة قارعة، أو حلّت من الدهر بائقة، فقلنا: لا أبکي اللَّه - يابن خير الوري - عينيک، من أيّ حادثة تسترقي دمعتک، وتستمطر عبرتک، وأيّة حالة حتّمت عليک هذا المأتم؟

قال: فزفر الصادق عليه السلام زفرةً انتفخ منها جوفه، واشتدّ منها خوفه، وقال: وَيلَکم نظرتُ في کتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، وهو الکتاب المشتمل علي عِلم المنايا والبلايا وعلم ما کان وما يکون إلي يوم القيامة، الّذي خصّ اللَّه به محمّداً والأئمّة من بعده عليهم السلام، وتأمّلت فيه مولد غائبنا وغيبته، و ابطاءه وطول عمره، وبلوي المؤمنين في ذلک الزمان، وتولّد الشکوک في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أکثرهم عن دينهم، وخلعهم من ربقة الإسلام عن أعناقهم، الّذي قال اللَّه جلّ ذکره: «وکُلَّ إنسان ألزَمناه طائِرَه في عُنُقه» [16] يعني الولاية، فأخذتني الرقة واستولت عليّ الأحزان.

فقلنا: يابن رسول اللَّه کرِّمنا وفضِّلنا بإشراکک إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من عِلم ذلک.

قال: إنّ اللَّه تبارک وتعالي أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل، قدّر مولده تقدير مولد موسي، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسي، وقدّم إبطاءَه بتقدير إبطاء نوح عليهم السلام، وجعل له من بعد ذلک عُمر العبد الصالح الخضر عليه السلام دليلاً علي عمره.

فقلنا: اکشف لنا يابن رسول اللَّه عن وجوه هذه المعاني.

قال عليه السلام: أمّا مولد موسي عليه السلام، فإنّ فرعون لمّا وقف علي أن زوال ملکه علي يده، أمر بإحضار الکهنة، فدلّوه علي نسبه، و أ نّه يکون من بني إسرائيل، ولم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل، حتّي قتل في طلبه نيّفاً وعشرين ألفاً مولوداً، وتعذّر إليه الوصول إلي قتل موسي بحفظ اللَّه تبارک وتعالي إيّاه، کذلک بنو اُميّة وبنو العبّاس، لمّا وقفوا علي أنّ زوال ملک الاُمراء والجبابرة منهم علي يد القائم منّا، ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول صلي الله عليه وآله وسلم وإبادة نسله طلباً (طمعاً خ) منهم في الوصول إلي قتل القائم، ويأبي اللَّه عزّوجلّ أن يکشف أمره لواحد من الظلمة، إلّا أن يتمّ نوره ولو کره المشرکون.

وأمّا غيبة عيسي عليه السلام، فإنّ اليهود والنصاري اتّفقت علي أ نّه قُتل، فکذّبهم اللَّه عزّ ذکره، يقول عزّوجلّ: «وما قَتَلوه وما صَلَبوه ولکن شُبِّه لهم» [17] کذلک غيبة القائم عليه السلام فإنّ الاُمّة ستنکرها لطولها، فمن قائل بغير هدي بأ نّه لم يُولَد، وقائل يقول انّه وُلد ومات، وقائل يکفر بقوله أنّ حادي عشرنا کان عقيماً، وقائل يمرق بقوله أ نّه يتعدّي إلي ثالث عشر، وما عدا، وقائل يعصي اللَّه عزّوجلّ بقوله أنّ روح القائم تنطق في هيکل غيره.

وأمّا إبطاء نوح عليه السلام، فإنّه لمّا استنزل العقوبة علي قومه من السماء، بعث اللَّه تبارک وتعالي جبرئيل الروح الأمين معه سبع نوايات، فقال: يانبيّ اللَّه، إنّ اللَّه تبارک وتعالي يقول لک: إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي، لست أُبيدهم بصاعقة من صواعقي إلّا بعد تأکيد الدعوة وإلزام الحجّة، فعاود اجتهادک في الدعوة لقومک، فإنّي مُثيبک عليه، واغرس هذا النوي، فإنّ لک في نباتها وبلوغها وإدراکها إذا أثمرت الفرج والخلاص؛ فبشّر بذلک من اتّبعک من المؤمنين.

فلمّا نبتت الأشجار وتأزّرت وتشرفّت (وتشوّقت خ) واعتصبت، وزهر الثمر عليها بعد زمن طويل، استنجز من اللَّه سبحانه وتعالي العِدة، فأمره اللَّه تبارک وتعالي أن يغرس نوي تلک الأشجار ويعاود الصبر والإجتهاد، ويؤکّد الحجّة علي قومه، فأخبر بذلک الطوائف الّتي آمنت به، فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل، وقالوا: لو کان ما يدّعيه نوح حقّاً، لما وقع في وعد ربّه خُلف، ثمّ إنّ اللَّه تبارک وتعالي لم يزل يأمره عند کلّ مرّة بأن يغرسها مرّةً بعد اُخري، إلي أن غرسها سبع مرّات، فما زالت تلک الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة بعد طائفة، إلي أن عاد إلي نيّف وسبعين رجلاً، فأوحي اللَّه تبارک وتعالي عند ذلک إليه، وقال: يانوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينک، حين صرّح الحقّ عن محضه، وصفي من الکدر بارتداد مَن کانت طينته خبيثة فلو أ نّي أهلکت الکفّار وأبقيتُ مَن قد ارتدّ من الطوائف الّتي کانت آمنت بک، لما کنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومک، واعتصموا بحبل نبوّتک، فإنّي أستخلفهم في الأرض وأُمکّن لهم دينهم، واُبدّل خوفهم بالأمن، لکي تخلص العبادة لي بذهاب الشرک من قلوبهم، وکيف يکون الاستخلاف والتمکين وبذل الأمن منّي لهم مع ما کنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا وخُبث طينتهم وسوء سرائرهم الّتي کانت نتايج النفاق وشيوخ الضلالة، فلو أ نّهم تنسّموا من الملک الّذي اُوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلکت أعدائهم، لنشقوا روائح صفاته، ولاستحکمت سرائر نفاقهم، و تأبّد خبالة ضلالة قلوبهم، ولکاشفوا اخوانهم بالعداوة، وحاربوهم علي طلب الرياسة، والتفرّد بالأمر والنهي، وکيف يمکن التمکين في الدّين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب، کلّا فاصنع الفلک بأعيننا ووحينا. قال الصادق عليه السلام: وکذلک القائم عليه السلام، فإنّه يمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه، ويصفو الإيمان من الکدر بارتداد کلّ من کانت طينته خبيثة من الشيعة الّذين يخشي عليهم النفاق إذا أحسّوا بالإستخلاف والتمکين والأمر المنتشر في عهد القائم عليه السلام.

قال المفضّل: فقلت: يابن رسول اللَّه، فإنّ هذه النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بکر وعمر وعثمان وعليّ عليه السلام.

فقال: لا يهدي اللَّه قلوب الناصبة، متي کان الدّين الّذي ارتضاه اللَّه ورسوله متمکّناً بانتشار الأمر في الاُمّة وذهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشکّ من صدورها في عهد واحد من هؤلاء وفي عهد عليّ عليه السلام مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي کانت من الکفّار. ثمّ تلا الصادق عليه السلام: «حتّي إذا استَيْأَس الرُّسُل و ظَنُّو أَنّهم قد کُذِبُوا جاءَهم نَصرُنا». [18] و أمّا العبد الصالح الخضر عليه السلام، فإنّ اللَّه تبارک وتعالي ما طوّل عمره لنبوّة قدرها له، ولا لکتاب ينزل عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة مَن کان قبله مِن الأنبياء، ولا لأمّة يلزمهم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بلي إنّ اللَّه تبارک وتعالي لمّا کان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه السلام في أيّام غيبته ما يقدّر، علم ما يکون من إنکار عباده مقدار ذلک العمر في الطول، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلک، إلّا لعلّة الإستدلال به علي عمر القائم عليه السلام، ولينقطع بذلک حجّة المعاندين، لئلّا يکون للناس علي اللَّه حجّة. [19] .

580 - روي الطبرسيّ في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام يذکر فيه من تقدّم عليه، فقال عليه السلام: مثل ما أتوه من الإستيلاء علي أمر الاُمّة کلّ ذلک ليتمّ النظرة الّتي أوجبها اللَّه تبارک وتعالي لعدوّه إبليس إلي أن يبلغ الکتاب أجله، ويحقّ القول علي الکافرين، ويقترب الوعد الحقّ الّذي بينه اللَّه في کتابه بقوله: «وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا منکم و عَمِلوا الصالحات لَيَستخلِفَنّهم في الأرض کما استخلَف الّذين مِن قبلهم» وذلک إذا لم يبق من الإسلام إلّا إسمه، ومن القرآن إلّا رسمه، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلک، لاشتمال الفتنة علي القلوب، حتّي يکون أقرب الناس اليه أشدّ عداوة له، وعند ذلک يؤيّده اللَّه بجنود لم يروها، ويظهر دين نبيّه صلي الله عليه وآله علي يديه علي الدّين کلّه ولو کره المشرکون. [20] .

581 - روي العلّامة المجلسيّ رضوان اللَّه عليه، قال: روي الصفوانيّ في کتابه عن صفوان: أ نّه لمّا طلب المنصور أبا عبداللَّه عليه السلام، توضّأ وصلّي رکعتين ثمّ سجد سجدة الشکر وقال: اللهمّ إنّک وَعَدتَنا علي لسان نبيّک محمّد صلي الله عليه وآله ووعدک الحقّ، أنّک تبدلنا من بعد خوفنا أمناً، اللهمّ فأنجز لنا ما وعدتَنا إنّک لا تُخلف الميعاد. قال: قلت له: ياسيّدي فأين وعد اللَّه لکم؟ فقال عليه السلام: قول اللَّه عزّوجلّ: «وَعَد اللَّه الّذين آمَنوا منکم وعَمِلوا الصالحات لَيَستخلِفَنَّهم» الآية.

وروي أ نّه تلي بحضرته عليه السلام: «ونُريد أن نَمُنّ علي الّذين استُضعِفوا» [21] الآية، فهملتا عيناه عليه السلام وقال: نحن واللَّهِ المستَضعَفون. [22] .

582 - روي النعمانيّ؛ عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال: إذا کان ليلة الجمعة أهبط الربّ تعالي ملِکاً إلي السماء الدنيا، فإذا طلع الفجر جلس ذلک الملک علي العرش فوق البيت المعمور، ونصب لمحمّد وعليّ والحسن والحسين: منابر من نور، فيصعدون عليها وتُجمع لهم الملائکة والنبيّون والمؤمنون، وتُفتح أبواب السماء، فإذا زالت الشمس قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله: ياربّ ميعادک الّذي وعدت به في کتابک، وهو هذه الآية: «وَعَد اللَّهُ الّذين آمَنوا منکم و عَمِلوا الصالحات لَيَستخلِفَنّهم في الأرض کما استخلَف الّذين مِن قبلهم و ليُمکّننّ لَهم دينهم الّذي ارتضي لهم و ليُبدِلَنّهم مِن بعد خَوفهم أمناً» ثمّ يقول الملائکة والنبيّون مثل ذلک، ثمّ يخرّ محمّد وعليّ والحسن والحسين سُجّداً، ثمّ يقولون: ياربّ اغضَب، فإنّه قد هُتِک حريمک، وقُتِل أصفياؤک، واُذلّ عبادک الصالحون، فيفعل اللَّه ما يشاء، وذلک يوم معلوم. [23] .

583 - روي العلّامة الطبرسيّ رحمة اللَّه عليه، عن زرارة، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، أ نّه قال: لم يجئ تأويل هذه الآية، ولو قام قائمنا بعد، سيري مَن يُدرکه ما يکون من تأويل هذه الآية، وليبلغنّ دين محمّد صلي الله عليه وآله ما بلغ الليل، حتّي لا يکون مشرک علي ظهر الأرض، کما قال اللَّه تعالي: «يَعبُدونني لا يُشرِکون بي شَيئاً». [24] .

584 - روي الطوسيّ رحمه الله بإسناده عن إسحاق بن عبداللَّه بن عليّ بن الحسين، في هذه الآية: «فوربِّ السماء والأرضِ إنّه لَحَقٌ مِثل ما أَنّکم تَنطِقون» [25] قال: قيام القائم عليه السلام من آل محمّدصلي الله عليه وآله؛ قال: وفيه نزلت: «وَعدَاللَّه الّذين آمَنو منکم و عَمِلوا الصالحات لَيستخلِفَنّهم في الأرض کما استخلف الّذين من قبلهم و ليُمکِّننّ لهم دِينَهم الّذي ارتضي لهم وليُبدِلنّهم من بعد خَوفهم أمناً يَعبُدونني لا يُشرِکون بي شَيئاً» قال: نزلت في المهدي عليه السلام. [26] .

585 - روي عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره لهذه الآية، قال: نزلت في القائم من آل محمّدصلي الله عليه وآله. [27] .


پاورقي

[1] الغَيبة للنعمانيّ 126؛ بحارالأنوار 58:51.

[2] تأويل الآيات الظاهرة 369:1 ح 21.

[3] تأويل الآيات الظاهرة 369:1 ح 22؛ بحارالأنوار 54:51.

[4] بقطو (خ ه).

[5] کفاية الأثر 61-56؛ تفسير البرهان 146:3.

[6] تفسير مجمع البيان 152:7؛ تفسير البرهان 146:3.

[7] تفسير العيّاشي 136:2.

[8] تفسير مجمع البيان 152:7.

[9] تأويل الآيات الظاهرة 1 : 370-369.

[10] آل عمران: 81.

[11] تفسير البرهان 150:3 ح 9؛ بحارالأنوار (و المتن منه) 46:53.

[12] شواهد التنزيل 412:1.

[13] تفسير فرات 289 ح 390.

[14] نفس المصدر 289 ح 391.

[15] الکافي 193:1 ح 4؛ تفسير الصافي 443:3.

[16] الإسراء: 13.

[17] النساء: 157.

[18] يوسف: 110.

[19] تفسير البرهان 149-147: 3 ح 8.

[20] الإحتجاج 382:1.

[21] القصص: 5.

[22] بحارالأنوار 64:51.

[23] الغَيبة للنعماني 276 ح 56؛بحارالأنوار 297:52.

[24] تفسير مجمع البيان 43:2.

[25] الذاريات: 23.

[26] الغَيبة للطوسيّ 110؛ بحارالأنوار 53:51.

[27] تفسير القمّي 14:1؛ تفسير الصافي 444:3.